كيف تعيد تصريحات ترامب تشكيل العلاقات مع كندا وغرينلاند بنما؟

Sky News Arabia

المنبهي

عضو ممتاز
المشاركات
1,678
مستوى التفاعل
4,453
النقاط
113

images (73).webp

في عالم مليء بالتغيرات الجيوسياسية، تبرز قضايا العلاقات الدولية كمحور أساسي للنقاش، مُسلطة الضوء على تأثير القرارات والمصالح الوطنية على الأمن والاستقرار العالمي. مؤخرًا، أثار الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، جدلاً واسعاً من خلال تصريحاته على منصته الاجتماعية "Truth Social"، حيث دعا إلى استعادة قناة بنما، وضم غرينلاند، وجعل كندا الولاية الحادية والخمسين. إن هذه التصريحات تعكس نهجًا يمكن اعتباره غير دبلوماسي ويُظهر استعدادًا لإحداث توترات مع الدول الصديقة.

خلال الفترة الأخيرة، اتهم ترامب حكومة بنما بفرض "أسعار ومعدلات مرور باهظة" على السفن التجارية والعسكرية الأمريكية. وبدوره، كان الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، قد تم انتخابه هذا العام على أساس تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة. إلا أن ترامب، في إطار تفاعلاته، نشر صورة لعلم أمريكي مزروع في منطقة القناة تحت عبارة "مرحبًا بكم في الولايات المتحدة للقناة!"، مما زاد من حدة التوتر. وفي رد قوي، أكد مولينو أن "كل متر مربع من قناة بنما هو ملك لبنما وسيبقى كذلك"، مشددًا على أن "سيادتنا غير قابلة للتفاوض"، مما يعكس ديناميكية معقدة بين الطرفين.
thumbnail_Screen Shot 2024-12-26 at 2.20.08 PM.png.webp
بالانتقال إلى غرينلاند، جدد ترامب دعواته لشراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، وهي أفكار طرحها سابقًا خلال فترة رئاسته. وفي سياق إعلان عن تعيين سفيره الجديد لدى الدنمارك، ذكر ترامب أن السيطرة على غرينلاند "تعد ضرورة لأغراض الأمن القومي." كان من الواضح أن هذه التصريحات تهدف إلى تعزيز الموقف الأمريكي على الساحة الدولية، رغم أن رئيس وزراء غرينلاند، مويت بوروب إغيدي، رد بشكل حازم، قائلاً: "غرينلاند ليست للبيع، ولن تكون كذلك أبدًا."

أما بالنسبة لكندا، فقد أثارت تصريحات ترامب حول جعلها الولاية الحادية والخمسين تساؤلات عميقة حول العلاقات بين البلدين. في منشور له، ذكر ترامب أن "الكنديين يريدون أن تصبح كندا الولاية 51"، مما يبرز عدم احترام عميق لسيادة كندا. وخلال لقاء بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في منتجع مار-ألاغو بفلوريدا، تم مناقشة تهديدات ترامب بفرض رسوم على السلع الكندية، والتي أدت إلى مزيد من التوتر في العلاقات.

يدافع مؤيدو ترامب عن هذه الأساليب غير التقليدية، مؤكدين أن مثل هذه المطالب المفاجئة تمنح الولايات المتحدة ميزة دبلوماسية، لأنها تقلب التوقعات والمعايير الدبلوماسية. في هذا السياق، يُشبهون تصرفات ترامب برامي الكرة في لعبة البيسبول الذي يرمي الكرة عالية وقريبة من الضارب، مما يجعله غير قادر على مقاومة الضغوط. ومع ذلك، فإن المشكلة لا تكمن فقط في تكتيك ترامب، بل في اختياره خوض معارك غير ضرورية مع الأصدقاء في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة واحدة من أكثر البيئات الجيوسياسية تنافسية منذ عقود.

تواجه الولايات المتحدة اليوم منافسة جيوسياسية غير مسبوقة، حيث تُعتبر الصين أول منافس من نظير يمكنه تحدي القيادة الأمريكية اقتصاديًا وعسكريًا وتكنولوجيًا. تتعمق العلاقات الصينية مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية ودول أخرى تشاركها الرغبة في إضعاف القوة الأمريكية. كما تعمل الصين على بناء علاقاتها مع القوى المتأرجحة مثل البرازيل والهند والسعودية والإمارات العربية المتحدة، التي يمكن أن تقرر تطور النظام العالمي. من هنا، فإن المقاربة العقلانية في السياسة الأمريكية يجب أن تكون تعزيز الروابط مع الأصدقاء والشركاء والحلفاء، الذين كانوا دائمًا مضاعف قوة للنفوذ الأمريكي، فكما يُقال، "القوة في الأعداد".

للأسف، تبدو هذه الديناميكية مفقودة عن ترامب. فهو لا يزال مقتنعًا، كما ذكر في تجمع انتخابي العام الماضي، بأن "في كثير من الحالات، حلفائنا أسوأ من أعدائنا". هذا التقييم خاطئ، لكنه يقود تفكيره ويشرح لماذا يبدو أكثر اهتمامًا بإثارة النزاعات مع الأصدقاء بدلاً من تجنيدهم في قضية مشتركة. وهذا سيجعل من الصعب على الولايات المتحدة النجاح في عالم تنافسي بين القوى الكبرى.

استنادًا إلى تحليل ستيفن فارنورث، أستاذ علم السياسة في جامعة ماري واشنطن، فإن تصرفات ترامب تجاه الدول الصديقة تعكس نمطًا عدائيًا يتضمن سياسات تنافسية للغاية كانت قد طغت على تعامله في عالم الأعمال. ويرى فارنورث أن هذا الأسلوب، الذي يعتمد على فرض ضغوطات لتحقيق مكاسب، يعد غير تقليدي في الدبلوماسية، حيث يسعى ترامب عادة إلى فرض إرادته بدلاً من التفاوض للوصول إلى تسويات.

وأوضح فارنورث أن هذا المناخ من التصريحات العدائية يدفع الدول المجاورة، مثل كندا وبنما، إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة. فعندما يتم توجيه اتهامات بالاستغلال أو تفكير بالاستحواذ على أراضٍ، حتى ولو كانت تلك التصريحات في سياق مزاح، فإنها تزرع بذور الشك وعدم الثقة. فالرغبة في السيطرة على مناطق معينة أو فرض رسوم مرتفعة ليست فقط عمليات تجارية، بل تمثل رؤية نسقية للعلاقات الدولية لا تتسم بالجدية أو الاحترام المتبادل.

أشار فارنورث أيضًا إلى أن النقاش حول "المطالب غير المعقولة" يجعل الدول الأخرى تتبنى مواقف أكثر تشددًا. إذ يعتبر أن "عندما تطلب شيئًا غير معقول، فمن المحتمل أن تحصل على شيء أقل غير معقول." هذه المقاربة قد تعمق الفجوة بين دول مثل الولايات المتحدة وخصومها التقليديين، حيث يصبح من الصعب على أي طرف الاستجابة بشكل إيجابي للمقترحات أو الاستراتيجيات.

يتضح من خلال تحليل فارنورث أن سياسة ترامب وليس فقط شخصيته، تعكس تغيرًا عميقًا في كيفية ممارسة الولايات المتحدة لدبلوماسيتها. أصبحت المصالح الوطنية أداة للضغط والتفاوض، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة مثل تفكيك التحالفات طويلة الأمد وزيادة الصراعات. إذا استمر هذا النهج، فقد يكون له تأثيرات طويلة الأمد على الأمن والاستقرار العالمي، وكذلك على العلاقات التجارية والتحالفات التقليدية.
 
أعلن ترامب عن زيارة دونالد ترامب الابن وممثلي الجمهوريين لغرينلاند.





 



يبدو ان جنون ترامب سيجعله يربح 2 مليون كلمتر من الأراضي بسهولة تامة 😂😂😂
 
عودة
أعلى